الصور الإعلامية غير الرسمية- قوة ناعمة ورسائل مؤثرة

المؤلف: أحمد الجميعة10.15.2025
الصور الإعلامية غير الرسمية- قوة ناعمة ورسائل مؤثرة

إن الصور الإعلامية، عندما تتجاوز الإطار الرسمي المعتاد، تترسخ في ذاكرة الشعوب والمجتمعات لفترة طويلة، وتلامسهم بشكل أعمق، فيشعرون بها ويتفاعلون معها بوجدانية، ويتأملون تفاصيلها الدقيقة. هذه الصور تتحول من مجرد نمط مألوف ومكرر إلى فضاء رحب للتخيّل، وتشعل جذوة التساؤلات، وتحفز البحث عن المعاني الخفية والرسائل التواصلية المباشرة وغير المباشرة.

لقد حملت صور لقاءات سمو ولي العهد مع رؤساء وزراء كلٍ من إيطاليا واليونان والعراق في مخيمه الشتوي بمدينة العُلا، رسائل عميقة ومؤثرة تجسد قيم المجتمع السعودي الأصيلة، وثقافته العريقة، وإرثه الحضاري الزاخر. كما عكست هذه اللقاءات هويته الوطنية المتفردة، وعاداته وتقاليده السمحة، وذلك من خلال صورة "بيت الشَعر" بأدواته التراثية، وجلساته الشعبية التي تعبق بالأصالة، والمكان نفسه الذي يرمز إلى التاريخ والحضارة الإنسانية جمعاء. كل هذا المشهد الباهر تم توثيقه بعدسات الإعلام الدولي، لينقله العالم أجمع عن شخصية الأمير محمد بن سلمان، ويقرأون من خلاله سيميائية الصورة لزعيم راسخ على مبادئه، ومتمسك بقيمه النبيلة، ومعتز بتاريخه العريق، وطموح في رؤيته الثاقبة، وهم يشاهدون العُلا، درة المدائن، مدينة الثقافة والتاريخ، وكيف تحولت إلى وجهة عالمية فريدة بكل المقاييس.

في خضم هذه الصور، تحققت مكاسب إعلامية واتصالية جمة، وتركت تأثيراً بالغاً في نفوس الجمهور على الصعيدين المحلي والدولي. ومن هنا نؤكد على الأهمية القصوى لإنتاج مثل هذه الصور غير الرسمية على مستوى السلطة التنفيذية؛ فاللقاءات والاجتماعات التي تعقد بين المسؤولين في الجهات الحكومية ونظرائهم في الدول الشقيقة والصديقة، حريٌ بها أن تتجاوز حدود موقع الوزارة أو الهيئة، لتصل إلى مواقع أكثر تعبيراً وتأثيراً وتسويقاً لهويتنا وتراثنا وتاريخنا المجيد، وربطها أيضاً بمواقع أخرى تعكس منجزاتنا العظيمة ورؤيتنا الطموحة. فالرسالة أسمى من مجرد لقاء أو اجتماع، بل هي إبراز لمكانة دولة شامخة، وإثبات لواقع مُعاش، وطموح راسخ نسعى جاهدين إلى تحقيقه.

لقد وصل وزراء ومسؤولون رفيعو المستوى من شتى دول العالم إلى ربوع المملكة، وأتموا لقاءاتهم واجتماعاتهم في غرف رسمية، ووُثّق الحدث بصورة جامدة، وربما صامتة. بينما كانت هناك فرصة سانحة لصناعة صورة أكثر حيوية وإشراقاً مع هؤلاء المسؤولين في مواقع متميزة خارج الإطار المألوف والمكرر، لا سيما تلك اللقاءات التي نود من خلالها إيصال رسائل محددة قد لا يتسنى تناولها على طاولة الاجتماع. وبالتالي، قد تكون طبيعة المكان ورمزيته ودلالته التواصلية كافية لإيصال تلك الرسائل المنشودة.

من الأهمية بمكان أن أُشير هنا إلى أمرين هامين؛ أولهما، ليس كل اللقاءات والاجتماعات مع الوفود الدولية مؤهلة للظهور بشكل غير رسمي، ولكن على الأقل بعضها، أو خارج الجدول الرسمي للزيارة. وثانيهما، أن يتوافر في المكان المقترح عناصر الجذب التاريخي أو الاقتصادي أو الثقافي وحتى الاجتماعي، والمقصود هنا هو أن نستثمر التغطية الإعلامية لتلك اللقاءات في إثارة فضول الآخرين واستطلاعهم عن طبيعة المكان، وهنا يتحقق الهدف الأسمى في البحث عنه، والانجذاب إليه، أو على أقل تقدير تداوله على نطاق واسع.

إن الصورة الإعلامية، عندما نصنعها أمام العالم، وبشكل مستمر، فإننا نمارس "الغرس الثقافي" طويل الأمد في عقول وقلوب الجماهير، ونعزز معها إيجابيات جمة حول رؤية وطن وقدرته الفائقة على تحقيق مستهدفاته الطموحة، وتنافسيته العالمية المشهودة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة